
الجزائر و”رقصة الديك المذبوح” لتغطية على سحب دول افريقية اعترافاتها بالبوليزاريو
في خطوة وصفتها الجزائر بالانتصار الدبلوماسي، احتفت السلطات هناك بانتخابها كنائبة لرئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، معتبرة ذلك مكسبًا كبيرًا يعكس نفوذها القاري. لكن هذا “الانتصار” الذي احتفت به الجزائر لا يعدو كونه منصبًا إداريًا بروتوكوليًا لا تأثير حقيقي له على السياسات الاستراتيجية داخل الاتحاد الإفريقي، بل هو أقرب إلى “رقصة الديك المدبوح”، حيث تحاول الجزائر إظهار قوة دبلوماسية وهمية تغطي على سلسلة الانتكاسات المتلاحقة التي تعرضت لها، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية ودعمها لجبهة البوليساريو.
انهيار الدعم للبوليساريو: الجزائر تفقد حلفاءها
في السنوات الأخيرة، تلقت الجزائر عدة ضربات موجعة على المستوى الدبلوماسي، خاصة بعد تراجع العديد من الدول الإفريقية والعربية عن الاعتراف بجبهة البوليساريو. هذا التراجع ليس عشوائيًا، بل هو نتيجة تغير موازين القوى الإقليمية، والتوجه المتزايد نحو دعم مغربية الصحراء، تحت تأثير الديبلوماسية المغربية الناجحة، التي استطاعت أن تضمن تأييد قوى دولية مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا، إضافة إلى فتح العديد من القنصليات في مدينتي العيون والداخلة.
في المقابل، وجدت الجزائر نفسها في عزلة متزايدة، حيث تخلت عنها عدة دول إفريقية كانت في السابق تقف إلى جانبها. كما أن بعض الدول التي كانت تعترف بـ”الجمهورية الوهمية” قامت بسحب اعترافها، مما جعل الجزائر تفقد أوراقها التفاوضية في ملف الصحراء.
الاحتفال بالسراب: مكاسب شكلية وخسائر جوهرية
انتخاب الجزائر لمنصب نائبة رئيسة المفوضية الإفريقية ليس إنجازًا استراتيجيًا بقدر ما هو مجرد تعويض نفسي عن الهزائم الدبلوماسية المتوالية. فالاتحاد الإفريقي، رغم رمزيته، لم يعد اللاعب الأساسي في قضية الصحراء، بعدما تم حصر الملف داخل أروقة الأمم المتحدة، وهو ما يمثل هزيمة ناعمة للجزائر التي كانت تراهن على إبقاء الملف داخل الاتحاد، حيث كانت تستطيع التأثير عبر حلفائها.
إضافة إلى ذلك، فإن هذا “الفوز البروتوكولي” لا يغير شيئًا من معادلات القوى على الأرض، ولا يضمن استعادة الجزائر لما فقدته من نفوذ، بل على العكس، فهو يعكس ضعف الخيارات الدبلوماسية، حيث باتت الجزائر تبحث عن أي انتصار شكلي لتقديمه إلى الرأي العام الداخلي، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.
ما يجري اليوم ليس سوى استمرار لنهج الهروب إلى الأمام الذي تتبعه الجزائر في سياستها الخارجية. بدلًا من إعادة تقييم خياراتها الدبلوماسية، ما زالت تتمسك بأوهام الماضي، رغم أن الواقع يفرض عليها التكيف مع التحولات الجيوسياسية الجديدة.
في النهاية، يبقى احتفال الجزائر بهذا المنصب أشبه بـ*”رقصة الديك المدبوح”*، حيث يكون الصياح عاليًا، لكن الحقيقة على الأرض تقول شيئًا آخر: الجزائر تخسر مواقعها واحدة تلو الأخرى، بينما المغرب يراكم المكاسب على جميع الأصعدة.